حوار مع شاعر.

قلت للشاعر: لماذا تتسكع في الشوارع رث الثياب، منكس الرأس، مهموما، ولا سيما أنك الشاعر الشهير، المتمرد، صاحب القلم النافذ.
الشاعر: أنا بلا عمل، ومن كان بلا عمل افترسه الهمّ والغمّ والجوع.
قلت: على العكس، فمن كان بلا عمل حُقّ له أن يفرح، فالعمل هو سنوات كلها تعب وعناء من دون يوم واحد للحصاد.
قال الشاعر: ولكنني سأموت جوعا إذا لم أعثر على عمل ما في وقت قريب.
قلت: الجوع صديق قديم لمعظم العرب، والعربي الذي لا يجوع بين الحين والآخر هو مواطن مشكوك في عروبته ووظيفته.
قال الشاعر: لا بد من إيجاد عمل لي يتناسب مع مؤهلاتي.
قلت: وما مؤهلاتك؟.
قال الشاعر: أنا كما تعلم أملك من الكلمات ما هو أروع من كنز.
قلت: الكلمات هي كلمات، ولم تُخترع بعد وسيلة تحوّلها إلى نقود.
قال الشاعر: أستطيع نظم شعر، بعضه يرضي الحاكم، وبعضه يرضي المحكوم.
قلت: ارحم قومك تكفيهم إسرائيل واحدة.
قال الشاعر: سأكتب قصصا قصيرة متلائما مع متطلبات العصر.
قلت: تأخرت فالموضة الرائجة كتابة على أعتاب أصحاب الشكارات.
قال الشاعر: سأشتغل في التجارة، وأبيع وأشتري، وأجني الأرباح الطائلة.
قلت: بيع المواطن والوطن هو التجارة الوحيدة المضمونة النتائج، وغير الخاسرة.
قال الشاعر: سأصبح متسولا.
قلت: ستصبح متسولا يطلب العون من متسولين.
قال الشاعر: سأسرق.
قلت: إذا سرقت فلا تسرق ساقية، وإلا عوقبت شر عقاب.
قال الشاعر: لن أسرق إلا البحار وما يشابهها.
قلت: إذا نجحت فأنت من الخالدين، ولكنك لن تنجح، فمن يُسمح له أن يسرق بحرا ينبغي أن يكون من قبل قد سرق حرية شعب.
قال الشاعر: سأتملّق وأنافق.
قلت: المنافقون كثير والعدد إلى حد أنك قد تموت قبل أن يأتي دورك لتنافق.
قال الشاعر: لم يبق لي سوى أن أضحك.
قلت: لا يوجد في الحياة العربية سبب واحد للضحك، والضحك من غير سبب قلّة أدب، فهل توافق أن تكون قليل الأدب؟؟؟!!.


سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.