كيف تطمئن زوجتك

كيف تطمئن زوجتك ؟

دار بين إحدى عشر امرأة حوار حول أزواجهن، استمعت إليهن السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث أم زرع المشهور، وفي نهاية الحديث؛ قالت السيدة عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كنت لكِ كأبي زرع لأم زرع)[متفق عليه].

لقد استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه القصص التي كان تحكيها السيدة عائشة رضي الله عنها عن أولئك النسوة اللاتي تحدثن عن صفات أزواجهن، وعلَّق في النهاية أجمل تعليق، أعطاها الإحساس بالأمان والطمأنينة.

أخي الزوج:

(عندما يستطيع رجل أن يُنصت إلى مشاعر امرأة من دون أن يغضب؛ فإنه يقدم لها هدية جميلة، إنه يجعل تعبيرها عن نفسها مأمونًا، وكلما كانت أكثر قدرة على التعبير عن نفسها، كلما كانت أكثر شعورًا بأنها مسموعة ومفهومة) [الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، د. جون جراي].
إن المرأة تحتاج إلى الرعاية والتفهم والاحترام، وها هو قدوتنا وإمامنا ومعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجسد تلك المعاني السامية مع زوجاته الطاهرات، فتراه يتحف زوجه عائشة رضي الله عنها بكلمات رقراقة تفيض حبًا وحنانًا، ويشع منها الاهتمام وتفقد الأحوال والتأمل في المواقف الزوجية، فيقول لها: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى)، قالت: قلت يارسول الله: من أين تعرف ذلك؟ قال: (أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، و،إذا كنت علي غضبى قلتِ: لا ورب إبراهيم)، قالت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك) [رواه البخاري ومسلم].
فانظر كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص ويهتم بزوجه لدرجة أنه يمحص أقوالها ويحللها مما يشبع رغبتها في الحرص على اهتمام زوجها بها.
وقد سبق أن فصلنا ذلك في مقال سابق، وهنا نكمل باقي الحاجات العاطفية الست التي تحتاجها المرأة، وهي؛ الإخلاص أو الأولوية، التصديق أو الإقرار، الطمأنة.

الإخلاص أو الأولوية

(تحتاج المرأة للشعور بأن زوجها يتفانى في خدمتها، ويسخر نفسه لرعايتها وحمايتها، وأنه لا يتردد في بذل نفسه من أجل سعادتها وراحتها، مثل هذه المشاعر تسعد المرأة كثيرًا، وسيزداد إعجاب المرأة بزوجها عندما تشعر بأنها الرقم واحد في حياته) [التفاهم في الحياة الزوجية، د. مأمون مبيض].
معنى ذلك أن (هذه الحاجة ينبغي أن تُسد، وإلا فإن المشاعر البديلة ـ كالغيرة والتنكيد أو البرود ـ تكون خيارًا، فالمرأة عندما تشعر بأنها مفضلة، فهو لا يفضل عليها العمل أو الولد أو الأصحاب، فإنها تلقائيًا تبدأ تُعجب به) [الفرق بين الجنسين، د. صلاح صالح الراشد].
ونحن نسمع كثيرًا من الزوجات من تقول إن الزوج يحب الأصحاب أكثر منها، وهو يفضل أن يقضي وقته مع أصحابه أو مع عائلته، ثم يعود إلى المنزل متأخرًا.
إنه لمن غير المعقول واللائق، أن يجعل الرجل زوجته في ذيل قائمة اهتماماته، فليس هذا بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقول: (استوصوا بالنساء خيرًا) [متفق عليه]، بل كان يحرص على إسعاد زوجاته في أهم المواطن والمواقف، مما ينم عن تصدر هذا الأمر لديه في قائمة اهتماماته صلى الله عليه وسلم، فكان في بعض أسفاره للجهاد قد تأخر عن جيشه ويسابق عائشة رضي الله عنها فيسبقها، ولا يفوته صلى الله عليه وسلم أن يطيب خاطرها ويمازحها، فيقول لها: (هذه بتلك السبقة) [صححه الألباني]، يقصد صلى الله عليه وسلم عندما سبقته عائشة من قبل عندما كانت خفيفة اللحم.
أما أن يهتم الزوج بالآخرين من أبوين وأهل وأصدقاء، ثم يبخل بذلك الاهتمام على زوجته، وكأنها أمة قد اشتراها، فهذا مما لا يقول به شرع محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يحض على أن يعطي المرء كل ذي حق حقه.

التصديق أو الإقرار

تحتاج المرأة للشعور بأن زوجها يقرها على مشاعرها وأحاسيسها، (وحين لا يعترض الزوج على مشاعر زوجته ورغباتها أو يجادل فيها، وبدلًا من ذلك يتقبلها ويؤكد صحتها، يؤدي ذلك إلى أن تشعر المرأة حقيقة بأنها محبوبة، لأن خامس حاجاتها العاطفية الأولية قد تم إشباعها، من خلال موقف التصديق من الزوج، فإنه بالتأكيد سيحصل منها على الاستحسان الذي يحتاج إليه بصورة رئيسية) [الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، د. جون جراي].
وقد يصادق الرجل على وجهة نظر المرأة بالرغم أنه يرى وجهة نظر أخرى، ورؤية مختلفة تمامًا.

الطمأنة

تحتاج المرأة باستمرار إلى أن يطمئنها الرجل، والخطأ الذي يقع فيه الرجل عندما يظن ـ بعد أن يخبر زوجته بحبه لها ـ بأنها لا تعود بحاجة للمزيد من التأكيد والطمأنة، والصحيح أن المرأة تحتاج إلى دوام طمأنة الرجل لها مرة بعد مرة، وإلى أنه مستمر في حبها وتقديرها، ويقدم الرجل ذلك من خلال إظهار رعايته وتفهمه واحترامه لها، وإقراره لمشاعرها، وتفانيه في حبها ورعايتها.
(ويخطئ الرجل عندما يعتقد أنه وفَّى للمرأة كل حاجاتها الرئيسية، وأن الأمر قد انتهى دون أن يستمر في التأكيد عليها، خاصة وأنه قد أخبرها أنه يحبها، وبذلك قد وصلت المعلومة، ليس الأمر كذلك، بل إن الزوجة تحتاج إلى التأكيد باستمرار، قد يسأل الزوج "إلى متى؟"، والجواب: مدى العمر) [الفرق بين الجنسين، صلاح صالح الراشد].
فزاد المرأة في حياتها الزوجية شعورها بأن زوجها يحبها، تهفو إليها نفسه، يرغب فيها، يشتاق إليها، وهذه بضاعتها في الحياة الزوجية، بالإضافة إلى أنها تغار عليه، تخشى أن تمتلك أخرى قلبه، وأن يمنح غيرها مشاعره، فهي في وجل مستمر، لذلك كانت حاجتها إلى التأكيد المتواصل من قبل الزوج على محبته لها، هذه الكلمة التي لا تكلف الزوج شيئًا تعني الكثير لدى المرأة، ولكن مما يؤسف له، أن من الأزواج من يرى في نطق هذه الكلمة نوعًا من السلوكيات الصبيانية، أو ينتظر حتى تطلبها منه زوجته، حينها يقولها على مضض.
فلو كان الأمر كما يزعم هؤلاء، لما جهر النبي صلى الله عليه وسلم بمحبته لعائشة رضي الله عنها علانية أما الناس، عندما سئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة) [متفق عليه].

أخي الزوج، أختي الزوجة

هذه قصة زوجة تشكو من بخل زوجها عاطفيًا، فهو لا يخبرها بحبه، على الرغم أنه لا يستطيع أن يستغني عن وجودها بجانبه لمدة نصف ساعة، فبعد قراءتها في كتاب عن العلاقات الزوجية نقلت من الكتاب ما تريد توصيله لزوجها، وكتبت (يجب على المرأة أن تشعر زوجها دائمًا بأهميته والحاجة إليه، وأنه ناجح، ويجب على الرجل أن يُشعر زوجته بأنها مرغوبٌ فيها دائمًا، وأن يؤكد باستمرار حبه لها، وعند كل موقف) [الفرق بين الجنسين، صلاح صالح الراشد].
وعلقت هذه الكلمات فوق السرير في غرفة النوم، ورجع زوجها من العمل، ودخل غرفته، ثم وقعت عيناه على الورقة فقرأها، وجاءت زوجته إلى الغرفة، فضحك وقال لها: والله إني أحبك، ويكفي أن تعرفي ذلك.

وخلاصة القول

(إن المرأة لا تشعر أنها محبوبة إذا كانت لا تلقى الرعاية والاهتمام والتفهم والاحترام، وعلى الرجل أن يتذكر دائمًا، وأن يظهر باستمرار أنه "يهتم" و"يحترم" و"يصادق" على مشاعر شريكته، ويخلص لها، تحتاج إلى أن تكون حاجاتها الأولية إلى "الطمأنة" قد أُشبعت، وهذا الموقف التطميني يشعر المرأة بأنها محبوبة) [حتى يبقى الحب، د. محمد محمد البدري].
وقد توصلتُ إلى قاعدة هامة بعد خبرتي في مجال العلاقات الزوجية، هذه القاعدة هي (إن الرجل يعطي المرأة من الحماية والأمان، وهي تعطيه الحب والحنان)، (وهكذا المرأة؛ تحتاج دائمًا أن تشعر بالحماية، الحماية العاطفية، أو الكتف القوي الذي تسند رأسها عليه في لحظات ضعفها، وحين يحقق لها الزوج هذه الحماية العاطفية، ويعتني ويهتم بها وبأمورها، ويراعي مشاعرها، وبكل بساطة ـ حينما يمنحها الشعور بأنه يحبها ـ عندها تتوق إليه، وتنجذب إلى حبه، والاستمتاع بالحياة معه) [حتى يبقى الحب، د. محمد محمد البدري].

وماذا بعد الكلام

1.أخلص لزوجتك، وأخبرها عن المعلومات التي تعرفها عن: نفسك، أفكارك، مشاعرك، عاداتك، ما تحب وما تكره، تاريخ حياتك الشخصية، نشاطاتك اليومية، خططك المستقبلية، وذلك لتشعرها بالأمان، واجعل لها الأولوية والأفضلية عن العمل والولد والأصحاب.
2.صادق على مشاعر شريكتك، وإن كان لك وجهة نظر مختلفة.
3.أشعر زوجتك بالحماية والأمان والتطمين، تجد في مقابل ذلك الحب والحنان والعاطفة.


سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Scroll to Top