تخطى إلى المحتوى

تعبير عن دور التربية في الثقافة البحث العلمي

  • بواسطة

دور التربية في الثقافة

إن الثقافة والتربية والتعليم تعد مرتكزات رئيسة لتكريس احترام الكرامة الانسانيةللفرد والمجتمعوتربية ملكة النقد عند الناس لتجعلهم قادرين على التفكير في بنىاجتماعية افضل واحترام الخلاف بوصفه جدلا بين منظومتين يمكن ان يؤدي الى منظومةاكثر فاعلية وجدوى.
وتعد الديمقراطية قيمة انسانية بذاتها ولذاتها لانها فيالاقل لا ترتبط بايديولوجيا خاصة بعينها وانما تحاول ترتيب مجموع الافكار الممكنةوجدوى الضرورات اللازمة في اتساق الحياة كافة لعالم تتغاير فيه المستجدات الماديةوالفكرية على حد سواء.

وتنطوي الديمقراطية فكرا وسلوكا على منظومة متكاملة من الانساقالقيمية بوصف القيم مجموعة افكار وسلوكيات معينة يحبذها ويدافع عنها الافرادوالجماعات البشرية وتتعلق بما هو مرغوب ومناسب لتحقيق الخير والمنفعة غالبا معالتأكيد على الاختلاف في القيم الذي يعد جانبا رئيسا من جوانب التنوع الثقافيالانساني قديما وحديثا.
ولتعزيز الديمقراطية في العراق لابد من اعادة النظر فيالبرامج التربوية والتعليمية التي تشكل مجمل الثقافة السياسية والاجتماعيةللبلاد.
العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية
تتشكل شخصية الفرد العراقيوفقا لعدة مؤثرات ابرزها:
1-التشكيل الاولي داخل العائلة.
2-التشكيل داخلالمؤسسات التعليمية.
3-التشكيل داخل المجتمع.
4- التشكيل عبر وسائل الاعلاموالاتصال.
داخل العائلة
يتأثر التشكيل داخل العائلة تبعا لعدة عواملابرزها:
1- المستوى العلمي والثقافي لكبار السن داخل العائلة بما فيهمالوالدان.
2- المستوى المعاشي للعائلة ومدى استقرار الدخل العام للاسرة وكفايتهفي تلبية الحاجات الانسانية المتنوعة.
3- مستوى احتكاك وتواصل الوالدين مع بقيةالافراد والمجموعات داخل المجتمع وخارجه وما ينعكس من خلالهما على آليات التربيةوالتعليم والثقافة.
4- مدى توفر وسائل الاتصال والاجهزة التقنية الحديثة داخلالمنزل.
واستنادا لهذه العوامل تخضع التنشئة لتباينات واضحة ناتجة عن وجود اشكالمتعددة من عدم المساواة البنيوية بين الجماعات وخصوصا في الجانب الاقتصادي للعوائلوكذلك نتيجة للفروق الشاسعة في مصادر الجاه والثروة والنفوذ وهو ما يقود بالضرورةالى تنوع الثقافات واختلافها وامتزاجها واعادة انتاجها من جديد.
المؤسساتالتعليمية
وهو العامل الثاني المؤثر في التنشئة الاجتماعية والثقافية للفردبدءاً من المدرسة الابتدائية وانتهاء بالجامعة ويرى ايفان ايلتش ان وظيفة المدرسةتتلخص في:
1- تقديم الرعاية التأديبية.
2- توزيع الناس وفق ادوار مهنيةمعينة.
3- تعليم الطلاب القيم المهيمنة.
4- اكسابهم المهارات والمعارفالمقبولة اجتماعيا.
ولا يتعلم الافراد في المؤسسات التعليمية المناهج العلميةالمقررة فقط، بل يتعلمون الى جانبها الكثير من الافكار والعادات والتقاليد التي لميألفوها سابقا داخل اسرهم او في محيطهم الاجتماعي نتيجة لاحتكاكهم بغيرهم منالدارسين والعاملين في المؤسسة ويتعزز لديهم حب التعاون والحوار البناء فيما لو قيضلهذه المؤسسات مناهج متفتحة وادارات كفوءة قادرة على التقريب بين الهويات المختلفةوالنقاط الخلافية لتذويبها داخل هوية المواطنة وكذلك احترام القانون والرأي الاخروتكريس لغة الحوار مع الاخر المختلف.
ومع هذا فالعراق كان ومايزال متخلفا في هذاالمجال على مستوى التخطيط والادارة فضلا عن تردي الواقع التعليمي نتيجة لاسبابسياسية واقتصادية واجتماعية فهو يعاني من أمية أبجدية وأمية ثقافية حاله حال بقيةالدول النامية التي ليس لها ستراتيجيات واضحة وكفوءة في هذا الجانب ولهذا فشلت فيهكل محاولات محو الأمية لعدم تطابقها مع واقع مواطنيه من نواح عدة لانها كانت حملاتدعائية وسياسية وليست حملات علمية او ثقافية ويرى باولوفيريري ان محو الأمية هو (تحرير الانسان من صنوف القهر والتسلط الواقع عليه) ولا يمكن والحال هذا ان تمحىالأمية في ظل انظمة شوفينية متسلطة.
واذا كان البعض ما زال يعتقد ان النظامالتربوي كفيل بتغيير شكل اي مجتمع وتطويره فانه في مجتمع يسوده الفقر والكبتوالاقصاء سيكون واجبه الحفاظ على الافكار السائدة وحماية النظام السياسي من السقوط،كما ان انماط التعليم الاخرى مثل التعليم المستمر والتعليم عن بعد والتعليمالالكتروني اصطدمت هي الاخرى بواقع ما يعيشه الفرد العراقي من تخلف ثقافي وترد فيواقعه الاقتصادي ناتجين عن مرحلة الدكتاتورية السابقة فضلا عن تراجع حجم النساءالعراقيات داخل المؤسسات التعليمية.
المجتمع ووسائل الاتصال
يعاني المجتمعالعراقي هو الاخر من اشكاليات عدة فما زالت تسوده العديد من الامراض الاجتماعيةالمرافقة لديناميات التخلف كثقافة الاقصاء والاعتزاز بالرأي الخاطئ والاتكاليةوتغليب القرابة أياً كان نوعها على كفاءة ومهارة الاشخاص عند توظيفهم او تكليفهمبمهام مختلفة بمعنى تقديم الولاء على الكفاءة، كما ان عزلة الفرد لسنوات طويلةداخل اطار مدينته او قبيلته او محافظته حالت دون اطلاعه على ما يراه بقية المواطنينفي مدن ومحافظات العراق الاخرى من افكار وتطلعات وما يعيشه هؤلاء من عادات وتقاليدوما يرونه مناسبا من قيم ومثل وهو ما كرس بالتالي اعتزازه وتقديسه لما يراه هومناسبا فقط.
ولم تكن وسائل الاتصال الحديثة متاحة هي الاخرى للجميع لتساعد علىتكريس روح المواطنة والحوار مع الاخر المختلف فلتدني الوضع الاقتصادي لم تحصلالكثير من العوائل على اجهزة الهاتف والراديو والتلفزيون الا بعد سقوط النظامالسابق، إذ توفرت فضلا عن تلك الاجهزة اطباق استلام البث الفضائي وكذلك شبكةالمعلومات الدولية (الانترنت) وهذا ما قد يساعد على ارساء الديمقراطية مستقبلا منخلال استلهام المواطن العراقي لثقافات عصره الجديد عن طريق هذهالوسائل.
المعوقات الثقافية
بعيدا عن جوانب التربية والتعليم لم تكن هناكمؤسسات ثقافية بالمعنى المتعارف عليه فقد كانت وسائل الثقافة والاعلام بيد قبضةالنظام السابق الحديدية مفتوحة لمواليه والمطبلين لافكاره ذات السمة الواحدةوالدائرة في حلقة مفرغة، إذ فرض النظام محددات وثوابت على كل ما يتعلق بالثقافةالعراقية وجعلها معزولة عن العالم الخارجي بستار حديدي من الرقابة والضوابط والشروطولم تكن الثقافة في عهد ذلك النظام سوى وجه من وجوه الدعاية والاعلان لطروحاتهالسياسية.
وعلى المستوى نفسه منع النظام دخول الاجهزة الحديثة للاتصال كمااسلفنا وجعلها حكرا على مؤسساته الامنية والاعلامية فعاش العراق عزلة ثقافية عنفضاءات الابداع والحوار وهضم واعادة الانتاج الثقافي.
وفرض النظام رقابة صارمةعلى المطبوعات القادمة من خارج العراق مثلما فرضها على ما ينشر في داخله.
لقدعمقت وسائل الاتصال الحديثة بعد سقوط النظام الوعي لدى المواطنين جميعا بالفجوةالثقافية بين ما يعيشه العراق وما تعيشه بلدان العالم الاخرى وافرز الواقع الجديدثلاث قوى ثقافية تتنازع العراقيين في الوقت الحاضر هي:
1- ثقافة الذاكرة: وهيالثقافة المتجولة في قرون الماضي وما حفل به من حكايات وحكم ومواعظ وفلسفات.
2- ثقافة النظام: وتتمثل فيما طرحه النظام السابق من شعارات واهداف سياسية واعلاميةوما كرسه من سلوكيات ممتلئة بالتعالي والغطرسة واقصاء الاخر.
3- الثقافةالجديدة: وهي ثقافة انتقائية تبعيضية تجمع بعض ما طرح في الثقافتين السابقتين اضافةالى ثقافات عالمية اخرى.
ومازالت الثقافة بشكل عام بكل اصنافها الثلاثة بعيدة عنممارسة النقد السياسي والاجتماعي والثقافي فهي تميل للاستبطان والمحاباة وتغليبمصلحة الفرد على مصلحة المجتمع والوطن.


سبحان الله و بحمده

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.